بعد الأزمة الأوكرانية.. تنافس عالمي على إنتاج الطاقة الشمسية

بعد الأزمة الأوكرانية.. تنافس عالمي على إنتاج الطاقة الشمسية

 

لا شك أن الدول القادرة على إحداث تنمية واستغلال مواردها، هي الطرف الأقوى في الحرب التي يعيشها العالم الآن، ومن تلك الموارد الطاقة الشمسية، خاصة بعدما استغل الدب الروسي الاحتياج الأوروبي للطاقة وضغط من خلالها لكسب صراعه الحالي.

ولذلك تسعى دول كثيرة حول العالم لتصدر إنتاج الطاقة الشمسية.

ففي الهند يزدهر قطاع الطاقة المتجددة، حيث من المتوقع أن تضيف الدولة 35 إلى 40 جيجاوات من الطاقة المتجددة سنويًا حتى عام 2030، وهو ما يكفي لتزويد ما يصل إلى 30 مليون منزل إضافي بالطاقة كل عام، بحسب تقرير معهد اقتصاديات الطاقة والتحليل المالي وتمويل طاقة المناخ. 

وأوردت تقارير متخصصة، أن الهند، ثالث أكبر دولة مستهلكة للطاقة في العالم، ستصل إلى 405 جيجاوات من الطاقة المتجددة بحلول عام 2030، ومن المتوقع أن تتجاوز هدف الحكومة بإنتاج 50 بالمئة من الكهرباء من مصادر الوقود غير الأحفوري بحلول نهاية العقد. 

وتقدر توقعات الحكومة الهندية أن البلاد ستنتج المزيد من الطاقة المتجددة -500 جيجاوات- في الإطار الزمني نفسه.

وحاليًا، يمثل الوقود الأحفوري 59 بالمئة من قدرة الطاقة المركبة في الهند، ولكن من المتوقع أن يشكل 31.6 بالمئة فقط من مزيج الطاقة بحلول عام 2030. 

وقالت فيبهوتي غارغ، المؤلفة المشاركة للتقرير وأخصائية الطاقة الأولى في معهد اقتصاديات الطاقة والتحليل المالي وتمويل طاقة المناخ: "بينما كانت هناك اضطرابات في رحلة الطاقة النظيفة في الهند بسبب الحرب في أوروبا من بين أسباب أخرى، فإن الهند لديها خطط كبيرة".

يتزامن ذلك مع محاولات مصرية لإنتاج الطاقة النظيفة، حيث صرحت شركة طاقة للكهرباء التابعة لشركة توزيع الطاقة المصرية طاقة عربية بأنها بدأت تشغيل أكبر محطة للطاقة الشمسية بمدينة شرم الشيخ على مساحة 250 ألف متر مربع بقدرة 20 ميجاوات وبطاقة إنتاجية أكثر من 42 جيجاوات/ساعة في السنة.

كذلك فإن شركة تطوير طاقة الرياح السويدية "OX2"، وشركة الاستثمار "ألاندسبنكن فوندبولاج"، تعمل على تطوير اثنين من مشاريع طاقة الرياح البحرية في بحر البلطيق، وسيكونان مجتمعين الأكبر في العالم. 

وفي الإمارات تعمل الدولة  على بناء محطة الظفرة للطاقة الشمسية الكهروضوئية، والتي تعد أكبر محطة لإنتاج الطاقة الشمسية في العالم بقدرة تصل إلى 2 غيغاواط من الكهرباء. وسوف تدعم المحطة تنويع مصادر الطاقة المتجددة في أبوظبي وترفعة القدرة الإجمالية للإمارة وتخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.

 

"جسور بوست"، ناقشت أهمية الأمر وفوائده مع خبراء ومتخصصين.

https://jusoorpost.com/public/uploads/%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%A7%D9%82%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%85%D8%B3%D9%8A%D8%A9_%D9%84%D9%84%D9%85%D9%86%D8%A7%D8%B2%D9%84.jpg

تنافسية واستثمار

قال أستاذ الاقتصاد والعلاقات الدولية، ورئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، رشاد عبده، إن هناك تنافسية على إنتاج الطاقة النظيفة، وما تُقدم عليه الدول هو استثمار أمثل للموارد المتاحة، والشمس استثمار متاح ومطلوب وضروي، على العكس إذا لم يتم استغلاله تكون الدول مقصرة في اقتصاداتها ومواردها.

وتابع: الطاقة هي التنمية، والدولة التي ليس لديها طاقة ليس لديها تنمية، وأبرزت أزمة الطاقة الأوروبية أهمية استغلال الموارد، لقد اضطروا إلى استخدام الفحم، فالدول تحاول توفير عمل اكتفاء ذاتي من الطاقة خاصة الطاقة الشمسية، وما يفيض عن حاجتها تُصدره، ولقد رصدت السعودية مثلًا 130 مليار دولار كي تكون الدولة الأهم عامليًا في إنتاج الطاقة الشمسية، وقام المغرب بعمل شراكات مع فرنسا وألمانيا لاستغلال الشمس لديها واقتسام الناتج.

https://jusoorpost.com/public/uploads/19_2017-636401640526015529-601(22).jpg

تحقيق الاكتفاء الذاتي

وبدوره، قال أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر ورئيس وحدة الأبحاث العلمية بالمركز الدولي للاستشارات الاقتصادية، د. صلاح الدين فهمي: "إن كل الدول تسعى إلى إحداث اكتفاء ذاتي من الطاقة الشمسية، خاصة بعد استغلال الدب الروسي أزمة الطاقة لدى أوروبا في الضغط عليها، وتلك الاستراتيجية ناجحة على المدى الطويل، إنهم يستهدفون التخلص من تلك السطوة بمشاريع الطاقة الخضراء بحلول 2030، ولكن ماذا عن السنوات التي قبل 2030، ماذا سيفعلون بعد شهر حينما يأتي الشتاء، هناك احتمالية تدمير الاقتصاد الأوروبي، الذي سيصاب بالشلل التام إذا لم يكن هناك بديل آخر سريع، خاصة أن أكثر دولتين تأثرًا هما بريطانيا وألمانيا". 

وتابع أستاذ الاقتصاد في تصريح خاص لـ"جسور بوست": إنهم يحاولون الاعتماد على بعض الدول في المنطقة العربية والشرق الأوسط وآسيا، وهذا سيؤدي إلى ارتفاع سعره، الحل يكمن في إيجاد حل سياسي تحدث بسببه انفراجة اقتصادية، وإلّا ستبقى تلك الدول في حالة تهديد، يمكنهم حث المواطنين على ترشيد الاستهلاك وتوفير بعض الطاقة، لكن ماذا عن المصانع.. هل يستطيع ترشيد استهلاك المصانع؟!

https://jusoorpost.com/public/uploads/6359f410-92e7-4d73-88b4-bc919d30d29d(5).jpg

واستطرد: لا بد من حلول قصيرة الأجل، والحل يقبع في دول الشرق الأوسط، ولذا قام الرئيس الأمريكي جو بايدن بزيارة بعض الدول مؤخرًا كالسعودية وتركيا، في محاولة منه لاستقطاب تلك الدول إذا ما بدأت إيران تلوح بالنووي، ولكن الدول العربية حتى الآن تلتزم الحياد ولم توضح موقفها تفاديًا أن تكون العصاة التي تضرب بها الولايات المتحدة الأمريكية دولا أخرى، فهل تضغط أوروبا على الدول العربية للحصول على الطاقة؟ وارد، يجب أن تبحث لها عن حل قصير الأجل، والحل طويل الأجل يتمثل في الطاقة النظيفة.

ضرورة وجود بدائل سريعة

قال الخبير الاقتصادي، ورئيس مركز العاصمة للدراسات والأبحاث الاقتصادية، خالد الشافعي: "إن الاتحاد الأوروبي أمامه لتحقيق تلك الاستراتيجية ما يزيد على 7 سنوات، وعام واحد كفيل بإحداث فوارق ومكونات جميع القطاعات الاقتصادية الموجودة حول العالم، فهل يتحمل الاقتصاد الأوروبي ذلك لحين 2030، وهل 2030 يحقق احتياجات الاتحاد الأوروبي من طاقة، أم ستبقى كما هي، أم أن الأوضاع ستتغير وكذلك المسميات والاحتياجات، عجلة الحركة الاقتصادية لا بد أن تدور وإلا ستحدث مشكلات كبيرة، لذا فلا بديل عن وجود بدائل سريعة وعدم الانتظار لـ2030". 

https://jusoorpost.com/public/uploads/elbashayer-2022-05-30_189007(11).jpg

وتابع الخبير الاقتصادي: "إذا لم يستطع الاتحاد الأوروبي إيجاد البدائل فسيتدهور الاقتصاد وسيعاني، هل دول الاتحاد قادرة على التعايش في ظل تلك الظروف، وربما حدث تقشف وعدم وجود بعض السلع، وسيتسبب ذلك في تذمر الشعب الأوروبي المرفه بطبيعته، ومن ثم حدوث مزيد من القلاقل والاضطرابات داخل أوروبا، فيجب إيجاد حلول سريعة ويمكن لمصر تنشيط سياحتها ودعوة تلك الدول إلى قضاء الشتاء على سواحلها المختلفة في الغردقة وشرم الشيخ ودهب لتفادي شتاء قارس لا سبيل لمواجهته إلا بالتدفئة، وإلا تعرضت أوروبا إلى التجمد.

 

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية